بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرّحِيمِ
قال في المنايا:
كُلُّنَا نَأْمَلُ مَـدًّا فِي الأَمَلْ
وَالْمَـنَايَا هُــــنَّ آفَات الأَمَـلْ
لاَ يَغُـرَّنَّكَ أَبَاطِيلَ الْمُنَى
وَالْزِمِ الْقَصْدَ وَدَعْ عَنْكَ الْعِلَلْ
إِنَّمَا الدُّنْيَا كَظِـلٍّ زَائِـلٍ
حَـلَّ فِيهِ رَاكِـبٌ ثُــمَّ رَحـَــلْ
وقال في السُّكوت:
إِنِّي لَيَهْجُرُنِي الصَّديقُ تَجَنُّبًا
فَأَرِيــهِ أَنَّ لِهَجْــرِهِ أَسْـــبَابَا
وَأَرَاهُ إِنْ عَاتَبْتَهُ أَغْـرَيْتَهُ
فَأَرَى لَهُ تَـرْكُ الْعِتَابِ عِتَابَا
وَإِذَا ابْتُلِيتَ بِجَاهِلٍ مُتَحَلِّمٍ
يَجِدِ الْمُحَالَ مِنَ الأُمُورِ صَوَابَا
أَوْلَيْـتَهُ السُّكـُوتَ وَرُبَّمَا
كَانَ السُّكُوتُ عَنِ الْجَوَابِ جَوَابَا
وقال في الموعظة:
نَعَى نَفْسِي إِلَى نَفْسِي الْمَشِيبُ
وَعِنْدَ الشَّيْب يَتَّعِظ اللَّبِيبُ
فَقَدْ وَلَّى الشَّبَابُ إِلَى مُـدَاهُ
فَلَسْتُ أَرَى مَوَاعِظَهُ تَؤُوبُ
سَأَبْكِيـهِ وَأَنْدِيــهِ طَــوِيلاً
وَأَدْعُوهُ إِلَيَّ عَسَى يُجِيبُ
وَهَيْئَات الَّذِي قـَدْ فَاتَ مِنْـهُ
تُمَنِّينِي بِهِ النَّفْسَ الْكَذُوبُ
وَرَاعِ الْغَانِيَات بَيَاضَ رَأْسِـي
وَمَنْ مَدَّ الْبَقَاءَ لَهُ يُشِيبُ
أَرَى الْبِيضَ الْحِسَانِ يَحِدْنَ عَنِّي
وَفِي هِجْرَانِهِنَّ لَنَا نَصِيبُ
فَإِنِ يَكُنِ الشَّبَابُ مَضَى حَبِيبًا
فَإِنَّ الشَّيْبَ لِي أَيْضًا حَبِيبُ
سَأَصْحَبَـهُ بِتَقْـوَى اللهِ حَتَّى
يُفَرِّقُ بَيْنَنَا الأَجَلُ الْقَرِيبُ
وقال أيضًا:
أَنَّـكَ فِي دُنْيَا لَهَا مُــدَّةً
يَقْـبَـلُ فِيهَا عَـمـَلَ الْعَامِـلِ
أَمَا تَرَى الْمَوْتَ مُحِيطًا بِهَا
يُصْلِـبُ فِـيـهَا أَمَــلَ الآمِــلِ
تُعَجّـِلُ الذَّنْبَ بِمَا تَشْتَهِي
وَتَأْمَـلَ التَّـوْبَـةَ مِـنْ قَابِـلِ
وَالْمَوْتُ يَأْتِي أَهَـلْ بَغْـتَـةً
مَا ذَاكَ فِعْلَ الْحَازِمِ الْعَاقِلِ
________________
* المصدر: ديوان الأبرار.