ناصر الحسني مدير
المساهمات : 254 تاريخ التسجيل : 17/03/2018
| موضوع: خطبة فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَم في المسجد النبوي الشريف الإثنين أبريل 27, 2020 3:08 am | |
| خطبة فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَم في المسجد النبوي الشريف ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رَوَى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه ، أنَّه لَمَّا أرادت فاطمة أن تخطب بهذه الخطبة شدَّت خِمَارَهَا على رأسِهَا واشتملَتْ بجِلْبَابَها، وأقْبَلَتْ في جماعَةٍ مِنْ نِسَاءِ قَوْمِهَا ، مَا تَنْقُصُ مَشْيَتَهَا مَشْيَةِ رَسُول الله (ص) حَتَّى دَخَلَتْ المسجد النبوي وفي المسجد حَشَدٍ مِنَ الْمُهاجرين والأنصار وغيرهم . وأُمِرَ بستار بينها وبين القوم ، فجلستْ ثم أنَّت أنَّةً أَجْهَشَ القوم بالبُكاءِ ، فارتَجَّ المجلس ثُمَّ أمهلتْ هَنيئةً حتى إذا سكنَ نشيجَ القوم وهدأتْ فَوْرتهُم افتتحت الكلام بحمد الله والثَّناءِ عليهِ والصَّلاةُ على رَسُوله (ص)، فعاد القومِ في بكائِهِمْ ، فَلَمَّا أمْسَكُوا عادتْ في كلامِهَا فقالت عليها السلام: الْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أنْعَمَ . ولَهُ الشُّكْرُ عَلَى مَا أَلْهَمَ . وَالثَّنَاءُ بِما قَدَّمَ . مِنْ عُمُومِ نِعَمَ إبْتَدَاهاَ . وَسُبُوغِ آلاَءٍ أَسْدَاهاَ(1) . وَتَمَامِ مِنَنٍ وَالاَهاَ . جَمَّ عَنِ الإِحْصَاءِ عَدَدُهاَ(2) . وَنَأَى عَنِ الْجَزَاءِ أَمَدُهاَ(3). وَتَفَاوَتَ عَنِ الإِدْرَاكِ أَبَدُهاَ . وَنَدَبَهُمْ لاِسْتِزَادَتِهاَ بِالشُّكْرِ لاِتِّصَالِهاَ(4) . وَاسْتَحْمَدَ إِلَى الْخَلاَئِقِ بِإِجْزَالِهاَ . وَثَنَّى بِالنَّدْبِ إِلَى أَمْثَالِهاَ(5) . وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ . كَلِمَةٌ جَعَلَ الإِخْلاَصَ تَأْوِيلَهاَ . وَضَمَّنَ الْقُلُوبَ مَوْصُولَهاَ (6) . وَأَنَارَ فِي التَّفَكُّرِ مَعْقُولَهاَ . الْمُمْتَنِعُ عَنِ الأَبْصَارِ رُؤْيَتُهُ . وَمِنَ الأَلْسُنِ صِفَتُهُ . وَمِنَ الأَوَهَامِ كَيْفِيَّتُهُ . أَبْتَدَعَ الأَشْيَاءَ لاَ مِنْ شَيْءٍ كَانَ قَبْلَهاَ(7) . وَأَنْشَأَهاَ بِلاَ احْتِذَاءِ أَمْثِلَةٍ إِمْتَثَلَهاَ (8) . كَوَّنَهاَ بِقُدْرَتِهِ . وَذَرَأَهاَ بِمَشِيئَتِهِ (9) . مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَى تَكْوِينِهاَ . وَلاَ فَائِدَةٍ لَهُ فِيْ تَصْوِيرِهاَ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) سبوغ النعم: إتساعها. (2) جم : كثر . (3) نأى: بعد. وهكذا تفاوت. (4) ندبهم: دعاهم. والإستزادة: طلب زيادة الشكر. وهكذا أستحمد. (5) ثنى بالندب: أي كما أنه ندبهم لاستزادتها كذلك ندبهم الى أمثالها من موجبات الثواب. (6) جعل القلوب محتوية لمعنى كلمة التوحيد. (7) أحدثها. (8) الإحتذاء: الإقتداء. (9) ذرأها: خلقها إلاَّ تَثْبِيتاً لِحِكْمَتِهِ . وَتَنْبِيهاً عَلَى طَاعَتِهِ . وَإِظْهَاراً لِقُدْرَتِهِ . وَتَعَبُّداً لِبَريَّتِهِ . وَإِعْزَازاً لِدَعْوَتِهِ. ثُمَّ جَعَلَ الثَّوَابَ عَلَى طَاعَتِهِ . وَوَضَعَ الْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ . ذِيَادَةً لِعِبَادِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ (1) . وَحِيَاشَةً لَهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ (2) . وَأَشْهَدُ أَنَّ أَبِي (مُحَمَّداً ) عَبْدُهُ وَرَسُولُه. أَخْتَارَهُ قَبْلَ أَنْ أَرْسَلَهُ . وَسَمَّاهُ قَبْلَ أَنْ إجْتَبَاهُ . وَاصْطَفَاهُ قَبْلَ أَنِ ابْتَعَثَهُ . إِذْ الْخَلاَئِقُ بِالْغَيْبِ مَكْنُونَةٌ . وَبِسِتْرِ الأَهَاوِيلِ مَصُونَةٌ . وَبِنِهَايَةِ الْعَدَمِ مَقْرُونَةٌ .عِلْماً مِنَ اللهِ تَعَالَى بِمَآئِلِ الأُمُورِ (4) . وَإِحَاطَةً مِنْهُ بِحَوَادِثِ الدُّهُورِ . وَمَعْرِفَةً بِمَوَاقِعِ الْمَقْدُورِ . ابْتَعَثَهُ اللهُ إِتْمَاماً لأَمْرِهِ . وَعَزِيمَةً عَلَى إِمَضَاءِ حُكْمِهِ . وَإِنْفَاذاً لِمَقَادِيرِ رَحْمَتِهِ . فَرَأَى الأُمَمَ فِرَقاً فِيْ أَدْيَانِهاَ . عُكَّفاً عَلَى نِيرَانِهاَ . عَابِدَةً لأَوْثَانِهاَ . مُنْكِرَةً للهِ مَعَ عِرْفَانِهاَ . فَأَنَارَ اللهُ بِأَبِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ظُلَمَهاَ (5) . وَكَشَفَ عَنِ الْقُلُوبِ بُهَمَهاَ (6) . وَجَلَى عَنِ الأَبْصَارِ غُمَمَهاَ (7) . وَقَامَ فِيْالنَّاسِ بِالْهِدَايَةِ . فَأَنْقَذَهُمْ مِنَ الْغِوَايَةِ . وَبَصَّرَهُمْ مِنَ الْعِمَايَةِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ذيادة : منعاً . (2) حياشة لهم : سوقهم . (3) اجتبله : فطره . (4) المآئل : جمع مئال أي المرجع . (5) ظُلم : جمع ظلمة . (6) البُهم: جمع بهمة وهي مشكلات الأمور . (7) الغمم : جمع غمة أي الشيء الملتبس المستور . وَهَدَاهُمْ إِلَى الدِّينِ الْقَوِيمِ . وَدَعَاهُمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ . ثُمَّ قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَاخْتِيَارٍ . وَرَغْبَةٍ وَإِيثَارٍ . فَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ . مِنْ تَعَبِ هَذِهِ الدَّارِ فِي رَاحَةٍ. قَدْ حُفَّ بِالْمَلاَئِكَةِ الأَبْرَارِ . وَرِضْوَانِ الرَّبِّ الْغَفَّارِ . وَمُجَاوَرَةِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ. صَلَّى اللهُ عَلَى أَبِي . نَبِيِّهِ وَأَمِينِهِ عَلَى الْوَحْيِ وَصَفِيِّهِ . وَخِيرَتِهِ مِنَ الْخَلْقِ وَرَضِيّهِ. وَالسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ. ثُمَّ قَالَتْ: أَنْتُمْ عِبَادَ اللهِ نُصُبُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ (1) . وَحَمَلَةَ دِينِهِ وَوَحْيِهِ . وَأُمَنَاءُ اللهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ (2) . وَبُلَغَاؤُهُ إِلَى الأُمَمِ (3) . زَعِيمُ حَقٌّ لَهُ فِيكُمْ . وَعَهْدٍ قَدَّمَهُ إِلَيْكُمْ . وَبَقِيَّةٍ إسْتَخْلَفَهاَ عَلَيْكُمْ . كِتَابُ اللهِ النَّاطِقُ . وَالْقُرْآنُ الصَّادِقُ . وَالنُّورُ السَّاطِعُ (4) . وَالضِّيَاءُ اللاَّمِعُ (5). بَيِّنَـةً بَصَائِرُهُ . مُنْكَشِفَةً سَرَائِرُهُ (6) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)منصوبون لأوامره ونواهيه . (2) أمناء : جمع أمين . (3) البلغاء : جمع بليغ ، والمقصود هنا المبلغ . (4) الساطع : المرتفع . (5) اللامع : المضيء . (6) البصائر : جمع بصيرة ، والمراد هنا: الحجج والبراهين . والسرائر : جمع سريرة، والمقصود هنا: الأسرار الخفية واللطائف الدقيقة . مُتْجَلِيَةً ظَوَاهِرُهُ (1) . مُغْتَبِطَةً أَشْيَاعُهُ (2). قَائِدًا إِلَى الرِّضْوَانِ إتِّبَاعُهُ . مُؤَدٍّ إِلَى النَّجَاةِ اسْتِمَاعُهُ . بِهِ تُنَالُ حُجَجُ اللهِ الْمُنَوَّرَةُ . وَعَزَائِمُهُ الْمُفَسَّرَةُ (3) . وَمَحَارِمُهُ الْمُحَذِّرَةُ . وبَيِّـنَاتُهُ الْجَالِيَةُ (4) . وَبَرَاهِينُهُ الْكَافِيَةُ . وَفَضَائِلُهُ الْمَنْدُوبَةُ (5) . وَرُخَصُهُ الْمَوْهُوبَةُ . وَشَرَائِعُهُ الْمَكْتُوبَةُ (6) . فَجَعَلَ اللهُ الإِيمَانَ تَطْهِيراً لَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ . وَالصَّلاَةَ تَنْزِيهاً لَكُمْ عَنِ الْكِبْرِ . وَالزَّكَاةَ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ وَنمِاَءً فِي الرِّزْقِ . وَالصِّيَامَ تَثْبِيتاً لِلإِخْلاَصِ . وَالْحَجَّ تَشْيِيداً لِلدِّينِ . وَالْعَدْلَ تَنْسِيقاً لِلْقُلُوبِ (7). وَإِطَاعَتَناَ نِظَاماً لِلْمِلَّةِ . وَإِمَامَتَناَ أَمَاناً لِلْفُرْقَةِ . وَالْجِهَادَعِزاًّ لِلإِسْلاَمِ . وَالصَّبْرَ مَعُونَةً عَلَى اسْتِيجَابِ الأَجْرِ . وَالأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلِحَةً لِلْعَامَّةِ . وَبِرَّ الْوَالِدَيْنِ وِقَايَةً مِنَ السَّخَطِ . وَصِلَةَ الأَرْحَامِ مَنْسَاءً فِي الْعُمْرِ وَمَنْمَاةً لِلْعَدَدِ (8) . وَالْقِصَاصَ حِقْناً لِلدِّمَاءِ (9) . وَالْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ تَعْرِيضاً لِلْمَغْفِرَةِ (10) . وَتَوْفِيَةَ الْمَكَايِيلِ وَالْمَوَازِينِ تَغْيِيراً لِلْبَخْسِ(11) . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) متجلية: منكشفة. (2) الغبطة: أن تتمنى مثل حال المغبوط إذا كان بحالة حسنة. (3) العزائم: جمع عزيمة:- الفريضة التي افترضها الله. (4) الجالية: الواضحة. (5) المندوبة: المدعو إليها. (6) المكتوبة: الواجبة. (7) التنسيق: التنظيم . (8) منماة على وزن مسحاة :- اسم آلة للنمو ، ولعلها مصدر ميمي للنمو . (9) حقناً : حفظاً . (10) تعريضاً : إذا جعلته في عرضة الشيء . (11) المكاييل : جمع مكيال : وهو ما يكال به . والموازين: جمع ميزان. والبخس: النقص. وَالنَّهْيَ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ تَنْزِيهاً عَنِ الرِّجْ . وَاجْتِنَابَ الْقَذْفِ حِجَاباً عَنِ اللَّعْنَةِ . وَتَرْكَ السَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ . وَحَرَّمَ اللهُ الشِّرْكَ إِخْلاَصًا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . وَأَطِيعُوا اللهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنهَاَكُمْ عَنْهُ . فَإِنَّهُ إِنمَّاَ يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ . | |
|