من شعر بهاء الدين الأربلي في الإمام علي بن أبي طالب(ع)3
سل عن علي مقامات عرفن به
شدت عرى الدين في حل ومرتحل
بدرا واحدا وسل عنه هوازن
في أوطاس واسأل به في وقعة الجمل
واسأل به إذ أتى الأحزاب يقدمهم
عمرو وصفين سل إن كنت لم تسل
مآثر صافحت شهب النجوم علا
مشيدة قد سمت قدرا على زحل
وسنة شرعت سبل الهدى وندى
أقام للطالب الجدوى على السبل
كم من يد لك فينا يا أبا حسن
يفوق نائلها صوب الحيا الهطل
وكم كشفت عن الإسلام فادحة
أبـدت لتفـرس عـن أنيابها العضـل
وكم نصرت رسول الله منصلتا
كالسيـف عـري متناه مـن الخلـل
ورُبَّ يوم كظل الرمح ما سكنت
نفس الشجاع به مـن شـدة الوهـل
ومأزق الحرب ضنك لا مجال به
ومنهـل المـوت لا يغني على النهل
والنقع قـد ملأ الارجاء عـثيره
فصار كالجبل المـوفي عـلى الجبل
جـلوته بشبا البيض القـواضب
والجـرد السلاهب والعسالة الذبل
بذلت نفسك في نصر النبي ولم
تبخل وما كنت في حال أخا بخـل
وقمـت منفـردا كالرمح منتصـبا
لنصــره غـير هـياب ولا وكـل
تردي الجيوش بعزم لو صدمت به
صـم الصفا لهوى من شامخ القـلل
يا أشرف الناس من عرب ومن عجم
وأفضل الناس في قول وفي عـمل
يا من به عرف الناس الهدى وبه
ترجى السلامة عند الحادث الجلل
يا من أعاد رسوم العدل جالية
وطال ما سـترتها وحـشة العطل
يا فارس الخيل والأبطال خاضعة
يا مـن له كـل خلـق الله كالخـول
يا سيد الناس يا من لا مثيل له
يا من مناقبه تسـري سرى المثل
خذ من مديحي ما استطيعه كرما
فإن عجـزت فإن العجز من قِبلي
وسوف أهدي لكم مدحاً أحبرهُ
إن كنت ذا قـدرة أو مُدَّ في أجـلي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*هو بهاء الدين أبو الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن أبي
الفتح الأربلي نزيل بغداد ودفينها. فذ من أفذاذ الأمة، وأوحدي من
نياقد علمائها، بعلمه الناجع وأدبه الناصع يتبلج القرن السابع، وهو
في أعاظم العلماء قبله في أئمة الأدب، وإن كان به ينضد جمان
الكتابة، وتنظم عقود القريض، وبعد ذلك كله هوأحد ساسة عصره
الزاهي، ترنحت به أعطاف الوزارة وأضاء دستها، كما ابتسم به ثغر
الفقه والحديث، وحميت به ثغور المذهب، وسفره القيم:
(كشف الغمة) خير كتاب أخرج للناس في تاريخ أئمة الدين، وسرد
فضائلهم، والدفاع عنهم، والدعوة إليهم. وهو حجة قاطعة على
علمه الغزير، وتضلعه في الحديث، وثباته في المذهب، ونبوغه في
الأدب، وتبريزه في الشعر، حشره الله مع العترة الطاهرة صلوات الله
عليهم.