من شعر الملك الصالح في أهل البيت عليهم السلام (1)
إِنَّ الأَبْــرَارَ يَشْــرَبُونَ بِكَأْسٍ
كَانَ حَـقًّـا مِـزَاجُـهَا كَافُــــورَا
وَلَهُــمْ أَنْشَـأَ الْمُهَيْمِــــنُ عَيْنًا
فَجَّــرُوهَا عِـبَــادَهُ تَـفْجِـيــرَا
وَهَـدَاهُـمْ وَقَالَ يُوفُـونَ بِالنَّــذْرِ
فَـمَـنْ مِثْلَهُمْ يُوفِي النُّذُورَا ؟!
وَيَخَـافُــونَ بَعْــدَ ذَلِـكَ يَــــوْمًا
هَائِـلاً كَانَ شَــرُّهُ مُـسْـتَطِـيـرَا
يُطْعِمُـونَ الطَّعَـامَ ذَا الْيَتِيمَ
وَالْمِسْكِـينَ فِي حُـبِّ رَبِّهِـمْ وَالأَســِيرَا
إِنَّمَـا نُطْعِــمُ الطَّعَـامَ لِوَجْـهِ اللهِ
لاَ نَبْتَـغِـي لَــدَيْـكــُمُ شُـكُـــــورَا
غَـيْرَ إِنَّا نَخَافُ مِـنْ رَبِّنَا يَـوْمًا
عَـبُـوسًـا عَـصَبْصَبًا قَمْطَرِيرَا
فَــوَقَاهُـــمْ إِلَهَهُــمْ ذَلـِكَ الْيـَــوْمِ
يُلْقَــوْنَ نَضْــــرَةً وَسُــــــرُورَا
وَجَــزاهُـــمْ بِأَنَّهُــمْ صَـبَـرُوا فِي
السِّرِّ وَالْجَهْرِ جَنَّةً وَحَـرِيرَا
مُتَّكِئِينَ لاَ يَرَوْنَ لَدَى الْجَنَّةِ
شَــمْـسًا كَــلاَّ وَلاَ زَمْهَــــرِيــرَا
وَعَـــلَـيْهِــمْ ظِـــلاَلُــهَـا دَانِيَــاتٍ
ذُلِّـلَـتْ فِي قُـطُـوفِـهَا تَـيْسِيـرَا
وَبِأَكْـــوَابِ فِــضَّــة وَقَــــوَارِيـرَ
قَــــوَارِيــرَ قُــدِرَتْ تَــقْـدِيــرَا
وَيَطُوفُ الْوِلْدَانُ فِيهَا عَلَيْهِمْ
فَيَخَـالُونَ لُــؤْلُــؤاً مَـــنْـثُــورَا
بِكُـؤُوسٍ قَـدْ مُـزِجَـتْ زَنْجَبِيـلاَ
لَذَّةَ الشَّارِبِينَ تَشْفِي الصُّدُورَا
وَيُـحَلَّــونَ بِالأَسَــــاوِرِ فِيـهَــا
وَسَـقَـاهُـمْ رَبِّي شَـــرَابًا طَهُــورَا
وَعَلَيْهِمْ فِيهَا ثِيَابٌ مِنَ السُّنْدُسِ
خُـضْـرٌ فِـي الْخُلـْدِ تـَلْمَعُ نُــورَا
إِنَّ هَـذَا لَكُـمْ جَـــزَاءٌ مِـنَ اللهِ
وَقَـدْ كَانَ سَـعْـيُكُـمْ مَــشْـكُـــورَا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أبو الغارات الملك الصالح فارس المسلمين، نصير الدين، طلايع بن رزيك بن
الصالح الأرمني أصله من الشيعة الإمامية في العراق كما في [أعلام الزركلي].
هو من أقوام جمع الله سبحانه لهم الدنيا والدين، فحازوا شرف الدارين، وحبوا
بالعلم الناجع والإمرة العادلة، بينا هو فقيه بارع كما في [خواص العصر الفاطمي]
وأديب شاعر مجيد كما طفحت به المعاجم، فإذا به ذلك الوزير العادل تزدهي القاهرة
بحسن سيرته، وتعيش الأمة المصرية بلطف شاكلته، وتزدان الدولة الفاطمية بأخذه
بالتدابي اللازمة في إقامة الدولة وسياسة الرعية ونشر الأمن وإدامة السلام، وكان
كما قال الزركلي في [الأعلام] وزيرا عصاميا يعد من الملوك، ولقب بالملك الصالح،
ولقد طابق هذا اللفظ معناه كما ينبئك عنه تاريخه المجيد، فلقد كان صالحا بعلمه
الغزير وأدبه الرائق، صالحا بعدله الشامل وورعه الموصوف، صالحا بسياسته
المرضية وحسن مداراته مع الرعية، صالحا بكل فضائله وفواضله دينية ودنيوية ،
وقبل هذه كلها تفانيه في ولاء أئمة الدين عليهم السلام ونشر مآثرهم ودفاعه عنهم
بفمه وقلمه ونظمه ونثره، وكان يجمع الفقهاء ويناظرهم في الإمامة والقدر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المصدر: الملك الصالح وشعره في الغدير للشيخ/ عبد الحسين الأميني.