أهل البيت عليهم السلام سادة أطهار2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهل البيت عليهم السلام سادة أطهار2

سيرة، قصائد، خطب، وصايا ومواعظ وحكم، أدعية، قصص .. عن رسول الله (ص) وأهل بيته الكرام (ع)
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 المحرر الأعظم…الرسول الأكرم (ص)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ناصر الحسني
مدير
مدير
ناصر الحسني


المساهمات : 254
تاريخ التسجيل : 17/03/2018

المحرر الأعظم…الرسول الأكرم (ص) Empty
مُساهمةموضوع: المحرر الأعظم…الرسول الأكرم (ص)   المحرر الأعظم…الرسول الأكرم (ص) Icon_minitimeالإثنين يونيو 11, 2018 3:39 am

بسم الله الرحمن الرحيم

المحرر الأعظم…الرسول الأكرم (ص): 
نحـن أمام داعـيـة الله أكـبر ، الـذي حـطّـم الأوثان ، ودمَّــر الأصنام ، وفـتح آفاق العـلم والفكـر ، وحـرَّر الإنـسان مــن مآثـم الحياة، وأقام لـه صــرحا شامخا من التطـوُّر والإبداع.
نحـن أمام الـرَّحمة الكُبرى التي وهبها الله لعـباده ليقـيـم أودهـم ، ويهـديهـم للتي هي أقـوم ، ويضيء لهـم الطـريـق، ويوضح لهم القصد.
نحـن أمام الفيض الإلهي الـذي ألهـم الأفكار فعـل الخـير ، وأكسبها ثراء وإبداعا في سلوكها وعلاقاتها وآدابها.
نحـن أمام أعظـم مُصلح اجتماعي في تاريخ بني الإنسان ، الذي أقام صُروح الحضارة لأمم العالم وشعـوب الأرض بعـد ما كانـت تعـيـش في فـوضـى مُدمِّـرة فـي حياتها الاجتماعيـة والاقتصادية.
نحن أمام أعظم بطل في تاريخ العالم كُلّه الذي استطاع أن يُغيِّر تاريخ البشرية من ظلام قاتم لابصيص فيه من النور، إلى حياة مُشرقة بالوعي والنور والاطمئنان والمودّة.
نحـن أمام البطـولات الهائلة التي أنكـرت الضعـف ، وأبت الاستسـلام والإنخـذال ، ومضـت مُسـرعـة فـي طـريقها تـشـقّ الأجواء ، فرفعـت كلمة الله عـالية في الأرض ،والتي تعني تحـرير الإنسان من العُبوديّة والسلـوك القائم.
نحن أمام هبةُ الله إلى العـالم كُلّه وهـو الرسـول الأكـرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال: " إنّما أنا رحمةٌ مُهداة. "
إنّ جميع نواحي العـظمة الإنسانيّة متوفّـرة في سيرة الرسـول الأكـرم (ص) ، وفي آدابه وحكمه وتعاليمه التي تـزيد الفكـر خصبًا وتكسبـه ثـراءً، وليسـت أدب عـصْـر مـن العُـصـور، ولا ثقافـة بيئـة خاصة مــن البيئات ، وإنّما هـي آداب العـصـور والبيئات على امتداد التاريخ.
لقـد وضعــت سـيـرة الرسـول عـليـه الصلاة والسـلام الأسـس التربـويّة والمناهج الحسيّة لسلوك الإنسان وسـيرتـه مع نفسه وأسـرتـه ومُجتمعـه ، ولقـد تمـيّزت تلك المناهج بأنّها تُـواكـب الفـطـرة وتـسايـر الزمـن ، وتـتـفاعـل مـع الحياة لـم تـشُـذّ عــن الطبيعة ولم تتصادم مع سُنن الكـون ، وستبقى حـيّة لا يجـد الإنسان لها بديلاً ومثيلاً حتّى يرث الله الأرض ومن عليها.
النبوّة هبةُ الله تعالى لعباده ، تقيم فيهم سنن الحق والعدل، وتُصلح ما اعـوجّ من نُـظم حياتهـم التي ينعمون بها، وليست بأيّ حال مــن الأحـوال خاضعـة للقـوانين التي يخـضع لها الناس في انتخاب زُعمائهم ، واختيار قادتهم، وإنّما أمرها بيد الخالق سبحانه وتعالى ، خالـق الكون وواهـب الحياة ، فهـو أعـلم وأدرى وأخـبر بمن يختار لهداية عـباده ، وإصلاح شؤونهـم ، وإقامـة سلوكهم ، وتهذيب نفوسهم.
وقـد اختار الله تعالى مُـنذ فجـر تاريخ الإنـسانية خيرة عـباده لتبليغ رسالاتـه ، وإشاعـة الخـير والمـودَّة بين الناس ، وقـد حمل الأنبياء العظام رسالة الله تعالى، وقاموا بـدور إيجابي ومُـتمـيّز بتعـليمهـم وإرشادهـم إلـى حـياة أفـضـل تـتـوفَّـر فـيها سعادتهم، وما يصبـون إليهمــن الضّمان لكرامتهـم وحقوقهـم ، وبهـذا الدّور المُشرق قام خاتـم الأنبياء وسيِّـدهــم الرسـول محمد صلى الله عـليه وآله وسلم فأدّى رسالة ربّه، وتحمّل المحن الشّاقّة في إنقاذ عـباده مـن بـراثـن الجاهـليّة ومآثمها ، ففجّـر ينابيع العلم والحكمة ، وحمل مشاعـل النور التي تضيء الطـريـق وتهدي الضّال ، وتنير العقول.
والشَّيء المُهم فـي بعـثة الأنبياء ، الدّعـوة إلـى عبادة الله تعالى ، تبتني عليه قُوى الخير والأمن والسلام في الأرض ، فمن آمـن بالله ووحّـده لا يـقـترف إثما ولا ظُلم اولا اعـتـداء عـلى غـيره ، ومن المـؤكّـد أنّ جـميع ويلات الحروب ، وما يُصيب الناس من شقاء فإنّه ناجم منضُعف الإيمان بالله تعالى ، ولذا كانـت الدعــوة إلى الإيمان بالخالـق العظيم من أهـم ما عنى به الأنبياء في رسالتهم إلى الناس ، فلا تقرأ
سـيرة نبي من أنبياء الله تعالى إلاّ ترى البارز فيها الدّعــوة الجادّة والخالصة إلى الإيمان بالله وتنزيهه عن الشّريك.
وتمَيّزت دعـوة النّبي عـليه الصلاة والسلام لتوحيد الله تعالى بالأدلّة الحاسمة التي تستند إلى المحسوسات التي لا يتطرّق لها وهـم ولا شـك ، ولم تحفـل بالبحـوث الفلسفية مـن الدور والتسلسل ، وغيرهما من الأمور التي لا تفهمها العامّة ، فقد أعرض عنها واتجه صوب الأدلّة الحسيّة المتوفّرة في جميع مظاهـر الكـون ، وفيخلـق الإنـسـان نفسه وما فـيه مــن الأجهزة المدهشة في صورته ودماغاه وبصره وسمعه وإدراكه ، وهـذه الأدلّة الناصعـة قـد حفـل بها القـرآن الكـريم في كثير من آياته.
ومن الجدير بالذكر أنّ الآيات الكريمة التي نزلت في توحيد الله، وفنّدت أفكار الجاهليّة كانت معظمها في مكّة، ولم تكن في المدينة المنـوّرة لأنّ أهالي مكّة كانوا عـبدة الأوثان والأصنام ، أمّا المدينة المنـوّرة التي اتخـذها الرسـول عليه الصلاة والسلام عاصمة له ، فكانت قليلة الشرك والإلحاد ، وقـد آمـن أبناؤها بالإسـلام فكـرا وعـقيـدة، وأبلـوا فـي سبيله البلاء الحسن ، وقـد ارتفعت في هـذا البلـد الطـيّب كلمة
التوحيـد ، ومنها امتدّت مـوجاتها المشـرقة إلى أمـم العـالم وشعوب الأرض.
ولم تقتصر رسالة النبي الأكرم (ص)على توحيد الله تعالى وسائر الطقوس الروحانيّة، وإنّما كانت شاملة لجميع مظاهر الحياة وشـؤونها ، فـقـد وضع النبي (ص) النظـم الاجتماعية للفـرد وللأسـرة وللمجتمع والدولة، كما وضع لها المناهج في سياستها الداخليّـة والخارجيّـة القائمة عـلى العـدل الخـالص والحق المحض.
لقد امتدّت رسالة الإسلام إلى جميع مناحي الحياة، وفتحت آفاق العقل ، وعـنت بالعـلم ، وجعلته الأساس حتى في أداء الشهادات ، لا الظّن الذي لا يُغني عـن الحق شيئا ، كما لم يـسمح بتقـليـد الآباء فـي الشـؤون العـقائـديّة ، بـل لا بُـدّ مـن إتباع العـلم فـيها ليكـون عـلى بيّنة مـن أمـر دينه ، أمام الله تعالى وأمام نفسه.
وكان ممّا عني به النبي(ص) في رسالته الخالدة إبادة الفقر، وإقصاء الحاجة ، فـقـد اهـتمّ بذالك اهـتماماً بالغاً ، فـشــرَّع الضـرائب الماليـة ، كالزّكاة والخُمس والضّمان الاجتماعي ، وحثّ على البر والإحسان ، كما أقام نظمه الاقتصاديّة على نشر الرّخاء بين الناس، وعـدم احتكار الثروة عـنـد فئة مــن الناس ، فـلقـد حــرَّم تحـريما باتّا الوسائل التي تـوجـب تكـدّس الثروة عن دشريحة من الناس ، ومـن تلك الوسائل:
(1) تحريم الربا
(2) تحريم الاستغلال.
(3) تحريم احتكار الأطعمة.
(4) تحريم الغُبن.

(5) تحريم الغش.
(6) تشريع المواريث الذي يبدّد الثراء الفاحش، وعدم حصره عـند الولد الأكبر، كما هو الحال في بعض الدول الغربيّة.
وعلى أي حال فإنّ الاقتصاد الإسلامي بأنظمته الخلاّقة التي ألمحنا لبعضها قد نشر الرخاء بمفهومه الواسع بين الناس.
ومن بنود التشريع الإسلامي العناية بالصحة العامّة وجعـل الطب وقائيا ، فقد دعا الإسلام إلى عدم الإسراف في تناول الطعام ، قال تعالى: " كُـلُـوا وَاشْـرَبُوا وَلاَتُسْـرِفُـوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ". ( سورة الأعراف: الآية 31).
فإنّ الإسراف فيه له مُضاعفاته السيّئة التي منها الإصابة بأمـراض الجهاز الهضمي ، والإصابة بالسمنة، وأمـراض القلب ، ولـو أنّ المسلمين طبّقـوا ذالك عـلى واقع حياتهـم الصحيّة لما احتاجوا إلى مُراجعة الأطبّاء وكان الطب عندهم وقائيا.
ومن بين الوسائل التي دعا إليها الرسـول (ص) النظافـة ، فقد جعلها من الإيمان ، كما في الحديث الشريف: " النَّظَافَةُ مِنَ الإِيمَانِ " وليست النظافة مقتصـرة على الجسم وإنما هي شاملة لما يشـربه الإنسان ويأكله ويلبسه ويسكنه ، كما أنها شاملة إلى الشارع والمحـلات وغـيرها التي تمنع مـن انتشار الأوبئة والأمراض.
وكثير مـن الشـؤون الصحية ، فقـد نـدب إليها النبي(ص) ليكـون المسلـم بمأمـن مـن الإصابة بالأمـراض التي يعيش الإنسان في ظلالها ببؤس وشقاء.
أمّا شخصيّـة النبي (ص) فهي ملء فـم الدنيا سمـوّا وتكاملاً وفضلاً، ففي جميع مراحل حياته كان مثالاً للتكامل الإنساني بجميع رحابه ومفاهيمه ، فقد كان في شرخ شبابه بعيدا عن اللّهـو واللّغو فـلم يختلط معفتيان قـريش الذين كانوا غـارقين في مسارح الدعارة والمجون ، كما كان من أصدق الناس ، وأوصلهم لرحمه، وأشدّهم إيثارًا للفقراء ، وكانت تقول له أم المؤمنين خديجة بنت خويلد عليها السلام:
" إِنَّـكَ لَتَصِـلَ الرَّحِـمَ ، وَتَحْمِـلَ الْكَلأَ ، وَتَقْـرِي الضَّيْـفَ وَتُعِينَ عَلَى نَوَائِبَ الْحَقِّ ".
وما أصدق قول الشاعر فيه:
خُلِقْتَ مُهَذَّبًا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ 
كَأَنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَمَا تَشَاءُ
وهكـذا خلقه الله مُنزّهاً عـن كُلّ نقص وإثـم ، فقـد خلقه الله للفضائل والكمال والآداب.
وثمة ظاهــرة أخــرى فـي شخصيّـة الرسـول الأكــرم (ص) تجاوزت حد الوصف والإطراء، وهي أنّه كان يملك إرادة فذّة لـم يملكها أي إنـسـان في جميـع فـترات التاريخ ، فقـد رفـع رسالة الله تعالى وحده وحاربه أقرباؤه وعلى رأسهم عمّه أبو لهب ، ومُعظم مُجتمعه ، فلم يعبأ بهم، ولميحفُل بمقاومتهم ، وظلّ صامدًا أمام التعدِّيات الصارخةعلى شخصيّته العظيمة ، وقد قال كلمة الفخر والاعتزاز التي ظلّت وسامًا له وهي:
" لَـوْ أُعْطِيتُ الشَّمْسَ بِيَمِينِي وَالْقَمَرَ بِيَسَارِي عَـلَى أَنْ أَتْـرُكَ هَذَا الأَمْرَ مَا فَعَلْتُ حَتَّى يُظْهِرُهُ اللهُ، أَوْ أَمُوتُ دُونَهُ ".
وظـلّ شامخًا كالجبـل ، لـم يتأخّـر ولا لحظـة واحـدة عــن التبشير بقيمه ومبادئه حتى نصـره الله وأعـزَّه، وارتفعت كلمة التوحيد في ذالك المجتمع الذي خضع بعبوديّة وذُل إلى الأصنام والأوثان، فدمّرها سلام الله عليه بقوّة وعزم وتصميم ، وهكذا كانت بطولاته التي دمَّـرت معالـم الجاهليَّـة وعاداتها وتقـاليـدها وصارت مـوضع درس لكُـلِّ مُصلح اجتماعـي فـي الأرض.
وفجّر النبي دعوته الخلاّقة في ربوع مكّة التي هيوطنه ، وقد عُرف أهلها بالأنانيّة والغطرسة والتكبّر ، وقد تصادمت رسالته مع تقاليدهـم وأديانهـم وميولهـم وعاداتهم ، فـورمت أُنوفهـم ، وانتفخ سحـرهم، فأجمعـوا عـلى إخماد ذالك الصوت فـي مَهـده ، وناجـزوا الدّعـوة بجمـيع طاقـاتهـم ، فـقـد حاربـه الأقـوياء وذووا النفـوذ ، وعـلى رأسهم الجاهلي أبـو سفـيان شيخ قريش، وقد لاقى النبي (ص) منهم عناء وأي عناء ، فقد سخروا منه، وسلّطوا عليه صبيانهم يقذفونه بالأحجار، ويلقون عـليه الرّماد والتراب ، وقد احتمى عـنهم بأخيه وابن عـمِّه عـلي بن أبي طالب وهـو فـي فجْـر الصّـِبا ، فكان إلـى جنبه يطارد صبيان قريش ويصدُّهُم عنه.
ولـم يقـف إلـى جانـب النبي (ص) أيام محنته إلاّ عـمِّه أبو طالب مؤمن قريش وشيخ البطحاء ، فقد احتضن الدّعوه ، وآمن بها إيمانًا مُطلقا ، وأبلى في سبيلها كأعظم ما يكون البلاء ، وقد جنّد أبناءه على حماية النبي (ص) والذّب عنه ، وعـلى رأس أبنائه بطل الإسـلام الخالد الإمام عـلي بـن أبي طالـب الـذي فـدى النبـي صلـى الله عـليـه وآله وسلَّـم بـروحـه ونصـره فيجميع المـواقف والمـشاهـد ، فكان القـوّة الضّاربـة التي احتمى بها من إيذاء قريش.
فقـد آمـن أبو طالـب بالإسلام ، ونفـذت تعاليمه وقيمه إلى أعماق نفسه ودخائل ذاته وهو القائل:
وَاللهِ لَـنْ يَصِـلُـوا إِلَيْـكَ بِجَمْعِهِـمْ
حَتَّى أُوَسَّـدَ فِي التُّـرَابِ دَفِينَا
فَاصْدَعْ بِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةً
وَابْشِرْ بِذَاكَ وَقَــرَّ منك عيونا
جزى الله أبا طالب عن الإسلام خيرا ، وأجزل له المزيد من الأجر فقد بذل قُصارى جُهده في حماية النبي (ص) ولولاهُ لأتت قريش على النبي (ص) وأقبرت الدعوة فيمهدها.
فأين الذين يقولون أنّ أبا طالب مات كافرا، وسيغلي دماغه في النار والعياذ بالله أهذا هو جزاء أبي طالب !.
وآمن المستضعفون والأرقّاء في مكّة بالإسلام، واعتنقوا مبادئه وأهدافه، وكانوا على ثـقة أنّه جاء لتحـريرهم مـن عُنف القرشيين واضطهادهم ، وأنهم سيكونون السّادة، وطُغاة قُـريش سيكـونـون أرقّاء وعـبيـدا لهـم ، كما اعـتـنق الإسـلام بعض الشباب مـن قريش مـن ذوي الأفكار الصّقيلة والأفهام البارعة ، وكذالك آمنت بالإسلام كوكبةٌ من سيِّدات قُـريش ، وكانوا جميعًا يسخرون ويهزؤون من أصنام قريش ويعيبون أوثانهـم التي اتّخـذوها آلهة يعـبدونها مــن دون الله تعالى ، وزاد ذالك عُـتـوًّا وسخطً افي نفـوس الطغاة والمستكبرين ، فعـمـدوا إلى تعـذيبهـم بشتَى أنـواع التعـذيـب وأقـساه ، وقـد استهـدفـوا بتعذيبهـم الضعفاء الـذين ليس لهـم رُكـن شـديـد يأوون إليه ، ولا قُوّة تحميهم من عُـنف السّادة والتّنكيل بهم ، أمثال:
عـمّار وياسر وسميّة وبـلال الحبشي وخبّاب بن الأرت وعـبـد الله بن مسعـود ، وكان أبـو جهـل يخترع في تعذيبهم أشـقّ ألوان التعذيب ، إلاّ أنّ ذالك لمْ يصدُّهُمعن الإسلام ، فقد خلق لهم طِباعًا جديدة كان قُوامها الصّبر والثبات والاطمئنان ، ولمْ يعـرفوا الاضطراب في دينهم ولا التّردُّد فيما اعتنقوه.
وقد أذِنَ النبي (ص) لمن آمن برسالته بالهجرة إلى الحبشة ليعبدوا الله فيها آمنين لا يلقون فتنة ولا عذابًا ، وبقي النبي (ص) في مكّة مع بعض أهل بيته ومن آمن به وهم يلقون من الأذى والاضطهاد مالا يوصف لمرارته وقسوته.
وبعد ما رزأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوفاة عمِّه أبي طالب لم يكـن له في مكّة رُكْـنٌ شـديـد يأوي إليه ولاذو بأس يحميه ويلجأ إليه من كيد القرشيين وبطشهم، فأجمع رأيهـم عـلى قتله ، فأحاطـوا بداره شاهـرين سيوفهم ينتظرون طلوع الفجر لتصفيته، فأمره الوحي بمغادرة مكّة ، فخرج منها في غلس الليل وهـم لا يشعـرون يرافقه صاحبـه أبا بكـر، وقـد أمر أخاه وابنعمِّه علي بن أبي طالب عليه السلام بالمبيت على فراشه ، فاستجاب له فرحا ليكون فداءً له.
وقد أثنى الله على الإمام علي بقوله سبحانه وتعالى: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ … ".
واتجه النبي (ص) صوب يثرب ، وقد استقبل من أهلها استقبالاً حاشدًا تعمُّهم الأفراح بتشريفه لديارهم وهم ينشدون:
طَلَعَ الْبـَــدْرُ عَـلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْـوَدَاعْ
وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا مَا دَعَا للهِ دَاعْ
أَيُّهَا الْمَبْعُـــوُث فِينَا جِئْتَ بالأَمْرِ الْمُطَاعْ
جِئْتَ شَرَّفْتَ الْمَدِينَة مَــرْحَـبًا يَا خَيْـَر دَاعْ
قَدْ لَبِسْنَا ثَوْبَ عِـــزٍّ بَعْـدَ تَمْــزِيقِ الرِّقَاعْ
رَبَّنَا صَلِّ عَلَى مَـنْ حَلَّ فِي أَرْضِ الْبِقَاعْ
وقد وجد فيهم الأمن بعد الخوف، والقوّة بعد الضعف، والسّعة بعد الضِّيق.
ولمْ يمكث النبي(ص) في يثرب جالسًا من دون أنْ يُزاول أهم الأعمال، وإنّما نهض بصلابة وعزْم إلى جمع كلمة المدنيين بعد أن كانت متفرِّقة ، قد شاعت بينهما العداوة والبغضاء ، خصوصًا بين الأوس والخزرج، الذّيْن يُشكِّلان الأكثريّة السّاحقة، فقد سادت الكراهية وسفك الدماء بينهم، وقد آخى النبي صلى الله عليه وآلهو سلم بينهما وأزال الحقد والبغضاء منهما ، كما آخى بين الأنصار والمهاجـرين ، وربط بينهـم برباط الأُخوّة الإسلاميّة التي هي أوثق وأشد عُرى من الأُخوَّة النَّسبيَّة، كما قام النبي (ص) بتأسيس الجامع المعظّم فاتّخذه
مقـرًّا لحكومته ومعهـدًا لتعاليمه ، وقد انتشر الإسلام بسـرعة الضّوء وتشكّلت الدولة الإسلاميّة العُظمى التي امتـدَّت بعـد زمان يسير إلى مُعظـم أنحاء العالـم ، وارتفعت كلمة الله تعالى في أُمم العالم وشعوب الأرض.
لقد غيّر النبي مناهج الحياة القاتمة والقائمة عـلى الجهل والظلم والبُؤس والبغي، فأزال عنها ذالك الكابوس الرَّهـيب ، وأشاع فيها العلم والنور والحكمة والأمـن والرخاء ، فما أعظم عائدته على الإنسانيّة جمعاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ahlulbayt2.yoo7.com
 
المحرر الأعظم…الرسول الأكرم (ص)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خطبة الرسول الأكرم (ص) في يوم الغدير
» سيرة الرسول الأكرم (ص) الجزء الأول (29) فيديو
» خطبة الرسول الأكرم (ص) في آخر جمعة من شهر شعبان
» شخصية الرسول (ص) وأبعادها الإنسانية
»  الرسول (ص) والجمع بين السلطة والهداية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أهل البيت عليهم السلام سادة أطهار2 :: السيرة النبوية وأهل البيت عليهم السلام-
انتقل الى: